الميثاق الأخلاقى للبحث العلمى

  يتطلب البحث العلمي توافر مجموعه من القيم والمبادئ الأخلاقيه فيمن يمارسه . وعلى الباحث أن يكون ملما بتلك المعايير والقيم.

 1-المبادئ الأخلاقيه المصاحبه لتخطيط البحث :

عندما يبدأ الباحث في التفكير في مشكلة البحث وفي إعداد تصميم بحثي يجيب به عن التساؤلات المطروحه في المشكله فإنه يجب أن يفكر في أمرين هاميين :

الأمر الأول : ألا يكون خطة بحثه بمثابة نسخه مكرره طبق الأصل من دراسه أخري سابقه بالشكل الذي يلقي ظلالا من الشك على أمانة الباحث العلميه .

وهذا لا يمنع من أن يفكر الباحث في إجراء دراسة مناظره لدراسه أجريت في بيئه أخرى إلا أن ذلك يجب أن يكون محكوما ببعض الضوابط منها : الإشاره الواضحه إلى الدراسة الأصلية ووجود أو فائده علميه تبرر تكرير دراسة سبق إجراؤها في بيئه أخرى .

الأمر الثاني : ألا يكون هناك احتمال بأن تؤدى الدراسه المزمع إجراؤها إلى إلحاق ضرر ظاهر أو محتمل بأشخاص آخرين . وفي حالة احتماليه وقوع ضرر أو إلحاق أذي بأشخاص آخرين ،فإن الباحث يجب أن يلجأ إلى من يستطيعون تقديم مشوره صادقه فيما يتصل بكيفية إجراء الدراسه لفائدتها العلميه مع تجنب إمكانية إلحاق أذي بالمشاركين في الدراسه .

 2-المبادئ الأخلاقيه المصاحبه لعملية جمع البيانات :

تنشأ معظم المشكلات الأخلاقيه في الفتره التى يقدم فيها الباحث على تجميع بياناته من المشاركين في الدراسه فتلك المرحله بمثابة موقف صعب يحتاج فيه الباحث إلى أن يوازن بين العديد من القرارات التى تبدو متعارضه مع بعضها وخصوصا تلك التى تتصل بالأضرار المحتمل حدوثها للأفراد المشاركين في الدراسه .

علي سبيل المثال : لو أن من بين إجراءات البحث إساءة معاملة الأطفال المشاركين في الدراسه ، وذلك من أجل الحصول على معلومات معينه قد تكون لها قيمتها من الناحيه العلميه فإن السؤال في تلك الحاله هو : هل يتم مثل هذا البحث من أجل الحصول على معرفه جديده على الرغم مما يسببه هذا من إنتهاك للحقوق الخاصه للأفراد ؟ أم أن حماية تلك الحقوق الخاصه للأفراد تقتضي منا أن نضحى بمثل هذه المعرفه ؟

 3- المبادئ الأخلاقيه المصاحبه لعملية التعامل مع البيانات :

وتتمثل تلك الصفات في حرص الباحث على سرية البيانات الخاصه بكل مشارك من المشاركين في الدراسه . ولا ينبغي الباحث أن يستغل تلك الأسرار في التشهير بالأشخاص الذين ائتمنوه عليها أو في ابتزازهم وما يصدق على التعامل مع البيانات الخاصه بالأفراد يصدق أيضا عند التعامل مع البيانات التى تشير إلى مؤسسه معينه بذاتها خصوصا إذا ما كان تلك الإشاره ما يسئ إلى تلك المؤسسه على وجه التحديد .

مأزق أخلاقي آخر قد يقع الباحث عندما يجد أن النتائج التى حصل عليها بعد معالجته للبيانات تبرز عدم صحة وجهة النظر التى يتبناها البحث سواء كان التبني صريحا أو ضمنيا قد يلجأ الباحث في مثل هذه الحالات إلى إجراء تعديلات في البيانات الخام تمكنه من أن يحصل على نتائج تدعم وجهة النظر المتبناه في البحث فإن ذلك يمثل إخلالا بالأمانه العلميه يعبر عن فهم منقوص لطبيعة البحث العلمى فالنتيجه البحثيه سواء كانت إيجابيه

 أو سلبيه أم صفريه تعبر عن إسهام علمى بقدر إتباع الباحث لأسس وإجراءات البحث العلمى والتجاء الباحث إلى محاولة إجراء تعديلات في البيانات إنما يتم عن شعور داخلي بأنه لم يتبع تلك الأسس والإجراءات بشكل أمين .

لذا فإن الباحث يجب أن يلتزم بتلك الأسس والإجراءات وأن يكون امينا في تعامله مع بيانات بحثه وأن يكون موضوعيا في نقد تصميم بحثه لو جاءت النتائج مخالفه لتوقعات البحث كما يجب أن يدرك الباحث أن النتيجه التى يسجلها في تقريره البحثي بمثابة وثيقه ستداولها أجيال بعده وسوف يشهد الباحثون بها في مواقف عديده .

مشكله أخلاقيه أخري يواجهها الباحث تتصل باختيار الأساليب الإحصائيه التى سيستخدمها في معالجة البيانات فقد يلجأ الباحث إلى إختيارأفضل إسلوب إحصائي يعطيه قدرا من التباين يبرز أهمية وجهة النظر التى يتبناها البحث أى أن اختيار الباحث للإسلوب الإحصائي ليس مبنيا على أسس علميه وإنما تحكمت فيه وجهة النظر الشخصيه للباحث والباحث بذلك يتخلى عن صفة الموضوعيه التى يجب أن يتحلي بها . كما أنه يتخلى عن الأمانه العلميه ويحيد عن الصواب في هذا التصور

فعلي سبيل المثال : قد يميل بعض الباحثين إلى إيجاد ثبات أدوات بحوثهم باستخدام أكثر من طريقه وذلك على اساس أن بعض الطرق تعطى معاملات ثبات أقل مما تعطيه طرق أخرى لنفس البيانات هذا أمر جائز من الناحيه الأخلاقيه ولا يتعارض في نفس الوقت من الإعتبارات العلميه اما إذا كان اختيار الأسلوب الإحصائي مرجعه الوحيد هو أن ذلك الأسلوب سوف يؤدى إلى إبراز وجهة نظر معينه يفضلها الباحث فإن الباحث بذلك يقع في مأزق أخلاقي لا يتناسب ومكانته كمعالج محايد للبيانات .

 4- المبادئ الأخلاقيه المصاحبه لعملية إعداد التقرير البحثي :

عندما يبدأ الباحث في إعداد تقريره البحثي فإنه يجب أن يتصف بالصفات السابق الإشاره إليها ( الأمانه – الموضوعيه ) وذلك بالإضافه إلى صفه أخرى هي صفة التواضع . وتتمثل صفة الأمانه في عدة مواضيع من التقرير البحثي من بينها القسم الخاص بعرض نتائج البحث ففي كثير من الأحيان لا يطلب من الباحث أن يضمن البيانات الخام في متن الدراسه أو حتى في ملاحقها ويكتفي فقط بتلك النتائج المتضمنه في الجداول وبناء على ذلك فإن القارئ يثق في النتائج المتضمنه في الجداول هي نتاج صادق للمعالجه الإحصائيه

مشكله أخلاقيه أخرى يواجهها الباحث نجدها في عرض الباحث لأدبيات بحثه فقد نجد الباحث يميل إلى الآراء والدراسات التى تدعم وجهة نظر البحث ويغفل تلك الآراء والدراسات التى تتناقض مع وجهة نظر البحث .مثل هذا العرض لأدبيات البحث يمثل إخلالا بالحياديه التى يجب أن تتافر في الباحث .

ومن المآزق الخلاقيه التى يقع فيها بعض الباحثين عند إعداد تقارير أبحاثهم تلك التى تتصل بالإقتباس عن الآخرين فالأمانه العلميه تقتضي من الباحث أن يشير إلى المصادر التى اقتبس منها سواء كان ذلك الإقتباس حرفيا أو كان تلخيصا لفكره وإلى أهمية تلك الصفه يشير بيكفورد سميث إلى أن الأمانه العلميه تعبر من اولويات الفضائل التى يجب أن يتحلي بها العالم والمفكر وإلى أن الباحث سيكون له سمعه علميه عندما يستعمل المصادر التى استخدمها في بحثه استعمالا صحيحا وإلى أنه حتى لو كان قدر المنسوب للباحث قليلا بالنسبه للأجزاء الأخرى المقتبسه فإن هذا أفضل بكثير من تشويه ومسخ أعمال الآخرين .

ولا يعنى ذلك أن يتجنب الباحث الأقتباس من الآخرين فمن حقه أن يقتبس من حدود ما تقره القواعد والعرف والقانون ولكن المطلوب هو ألا ينسب الباحث ما اقتبسه لنفسه .

صفه أخرى من الصفات التى يجب أن يتحلي بها الباحث العلمى عموما وفي عملية كتابة التقرير البحثي خصوصا هى التواضع ففي بعض الأحيان نجد الباحث يشير إلى نفسه في التقرير بقوله : ولقد وجدت

 ..... عندما قمت بالإتصال ب ..... وهذه اللغه وإن كان عليها تحفظات من الناحيه المنهجيه فإنها تشير أيضا إلى درجه من الإعتداد بالنفس قد تصل بالباحث إلى حد الغرور القاتل .

 وبطريقه مماثله فإن الباحث قد يستخدم : نون التفخيم " في مواضع من التقرير بشكل ينم عن ثقة مفرطه في النفس كما قد يلجأ الباحث في بعض الأحيان إلى الإشاره أن بحثه يمثل عملا رائدا في الميدان أو أنه محاوله غير مسبوقه أو إلى ذلك العمل هو المحاوله الأولي من نوعها

 كما يجب على الباحث أن يتصف بما يلى:

أولا : عدم التسليم والقبول لأى شئ مالم يقم عليه دليل أوبرهان والفحص لكل الآراء والأشياء ذات العلاقه بالموضوع أو المشكله .

 ثانيا : أن يكون متجردا غير متحيز وأن لا يحاول أن يبرهن لنتيجه معينه إنما يبحث عن الحقيقه ويتقبل الواقع ولو كان خالف رأيه .

 ثالثا : يتعامل الباحث دائما مع الواقع أما ما كان في دائرة القيم والمبادئ المسلمه كالأخلاقيات والتعبديات والعادات فإن هذه لا يمكن بحثها على أساس الواقع فقط بل لابد من اعتبارات أخرى مهمه لا تدخل ضمن هذه الطريقه والباحث لا يقدم لنا تفاصيل العلاقات بين الأحداث والوقائع الموجوده فحسب بل يذهب إلى أبعد من هذا ذلك هو اعطاء حكم عن بعض ما توصل إليه من نتائج .

 رابعا : لا يهتم بالوقائع الشاذه بل يفتش عن الوقائع المتجانسه لفحصها وبلورتها في إطار واحد للخروج بنظريه يحاول من خلالها إدخال كافة الأمثله للخروج بقاعده واحده تشمل كافة الأمثله والنماذج علة أن هذه تكون خاضعه في المستقبل لإعادة النظر حسبما يستجد من شواهد وحقائق .

الميثاق الأخلاقي للطالب الجامعي